{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(58)}ونلحظ هنا أن السياق القرآني يحذف ما يُفهم من الكلام، كما في قصة سليمان- عليه السلام- والهدهد: {اذهب بِّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 28] وحَذْف ما كان من الهدهد ورحلته إلى بلقيس، وإلقائه الكتابَ إليها، وأنها أخذتْه وعرضتْه على مستشاريها: {قَالَتْ ياأيها الملأ إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29].ومعنى {جُذَاذاً...} [الأنبياء: 58] أي: قطعاً متناثرة وحطاماً، بعد أنْ كانت هياكل مجتمعة {إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ..} [الأنبياء: 58] أي: أنه تركه فلم يحطمه، وقد كانوا يضعون الأصنام على هيئة خاصة و(ديكور)، بحيث يكون الكبير في الوسط، وحوله الأصنام الصغيرة يعني: كأن له سيطرةً عليهم ومنزلة بينهم، وكانوا يضعون في عينه الزبرجد، حتى يُخيَّل لمَنْ يراه أنه ينظر إليه.وقوله: {لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 58] فيسألونه عَمَّا حدث لأولاده الآلهة الصغار، ولماذا لم يدافع عنهم خاصةً وقد وجدوا الفأْس على كتفه؟ {قَالُواْ مَن فَعَلَ هذا...}.